الأحد، 29 سبتمبر 2013

جوجل ترفع الكوكيز من على مائدة الإنترنت

تدور حاليا معركة ضخمة في العالم الرقمي، أطرافها شركة “جوجل ومنافستها في صناعة برامج تصفح الإنترنت، وشركات الإعلانات الرقمية، وشركات الاتصالات، والشركات المصنعة لأنظمة تشغيل الهواتف الذكية، للسيطرة على مستقبل الإنترنت، أو على الأقل الجزء الخاص منه بجني الأموال. وحسب موقع “فنتشر بيت” فإن الإعلانات الرقمية هي أحد أهم مصادر جني الأموال من الشبكة، لكن وضعها الحالي يستدعي تذكر مقولة رائد التسويق الحديث في الولايات المتحدة جون واناماكر “إن نصف أموال التي أنفقها على الإعلانات يتم إهدارها، لكن المشكلة أنني لا أعرف أي النصفين هو”. وكان من المفترض أن الإعلان الرقمي قد حل هذه المشكلة عن طريق تتبع عشرات الملايين من المستخدمين بواسطة ملفات “الكوكيز”. وهي ملفات صغيرة تخزنها برامج التصفح مثل “جوجل كروم” و”فايرفوكس” و”سفاري”. وتتتبع “كوكيز” شركات الإعلان، التي يطلق عليها “ملفات الطرف الثالث”، نشاطات المستخدم على الإنترنت، وتقدم معلومات كثيرة عن سلوكه.
لكن ملفات الطرف الثالث تتطلب موافقة المستهلك في أوروبا، وتثير قضايا هامة تتعلق بالخصوصية في مناطق كثيرة من العالم. وزاد أيضاً من حدة أزمة شركات الإعلان خطوة “جوجل” الأخيرة بتشفير عملية البحث على الإنترنت أفقدت أيضا “الكوكيز” إحدى أهم وظائفها، وهي تسجيل عمليات بحث المستخدمين على الإنترنت، وبزوغ عصر الموبيل، وفي عالم الموبيل لا يوجد توافق على الوسائل نفسها.
وقال عمر توكل المدير التنفيذي لشركة “بلوكاي” لموقع “فنتشر بيت” إن عالم المحمول لا توجد فيه ملفات “كوكيز” من طرف ثالث. وأضاف أنه “في عالم تختلف فيه طرق تعامل برامج التصفح مع ملفات الكوكيز من الطرف الثالث، والقوانين المقيدة أصبحنا نحتاج إلى حل”. وأكد “لقد أخبرت شركتي أن عليها الاستعداد خلال 12 شهرا لعالم بلا كوكيز”. وهذه الاستراتيجية الجديدة تعد شيئا مرعبا للمعلنين الذين اعتادوا إنفاق ألوف الملايين “كي يعرفوا” المستخدم.
وكانت “جوجل” أعلنت خلال الشهر الجاري عن استراتيجية جديدة لتتبع الإعلانات، حسبما قالت صحيفة “يو إس إيه توداي” التي أشارت إلى أن خطوة “جوجل” قد تهز قطاع من الصناعة يتعامل في 120 مليار دولار سنويا، تستحوذ منها “جوجل” على نحو 40 مليار دولار. وقالت “جوجل” إن سياستها الجديدة ستسمى “معرف الإعلانات”، التي تهدف إلى استبدال ملفات الكوكيز بتكنولوجيا أخرى.
وتعتبر مبادرة جوجل على خطى شركة “آبل” التي تحصل أيضاً على المعلومات نفسها التي تقدمها “الكوكيز” بداية من نظام التشغيل “آي أو إس 6″. وذلك بواسطة جزء في نظام التشغيل يسمى بمعرف إعلانات “آبل”. لكنه نظام يحفظ خصوصية المستخدم، ولا يسمح بتدخل طرف ثالث.
وقد يمر معرف إعلانات “آبل” في هدوء، لكن الأمر يختلف كثيرا مع “جوجل”. لأن الشركة قوية جدا في هذا المجال حتى بالنسبة لأقرب منافسيها. وأوضح توكل “تخيل أنك تمتلك شركات البريد وتنشئ موقعاً للتجارة الإلكترونية”.
وتصور شركات الإعلان الرقمي هو أن الحل لتتبع المستخدمين قد يأتي من 4 اتجاهات. الأول عن طريق نظم تشغيل الكمبيوتر، وفي هذا المجال هناك نظامي التشغيل “ميكروسوفت” و”آبل” وثالث طرح في السوق مؤخرا لشركة “جوجل”. والثاني عن طريق المتصفحات الشهيرة (جوجل كروم، وسفاري، وفايرفوكس، وإنترنت إكسبلورو). والثالث عن طريق شركات الاتصالات التي توفر خدمة الاتصال بالإنترنت. والرابع عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك، وتويتر، وجوجل بلاس).
ولا يتطلب الأمر قوة ملاحظة تكرار اسم “جوجل” في كل ما سبق، كما أنها تختبر حلولا للتزويد بخدمة الإنترنت، عن طريق مناطيد معلقة بين السماء والأرض تناولتها الصحافة منتصف العام الجاري. هذا بخلاف أنها قد تقدم حلا على طريقة “آبل” على هواتف “آندرويد” نظام التشغيل التي ابتكرته.
وقال توكل “عندما تمتلك شركة واحدة القدرة على اتخاذ قرارات تؤثر في صناعة بأكملها، فإن هذا يدفع القطاع إلى البحث عن بدائل أو حلول أخرى. وأضاف هناك أيضا مواقع مهمة مثل “ياهو” و”إم إس إن” و”وورد برس” و”تامبلر”. وأوضح أن شركات الإعلان “لن تحل مشكلة تضارب التتبع مع الخصوصية، لكن ما يحدث قد سيؤدي إلى إعادة ترتيب موازين القوى في هذه الصناعة”.   
مصطفى علي درويش